كان هنالك ملك لديه سر ، وكان سره

كان هنالك ملك لديه سر ، وكان سره

مشاركه

كان هنالك ملك لديه سر وكان سره يربكه ويخجله هو أحد قياصرة الروم كانت له اذنان طويلتان.. وطويلتان جدا. وذلك لأنه كان خدوعا فقد كان لا يعرف شيئا مما يجري حوله وكان خائڤا دائما. لذلك كانت أذناه تكبران وهو يحاول الإنصات لأية همسة أو حركة. ولم يكن قيصر يخلع عن رأسه الغطاء حتى أمام زوجته. كان ينام وهو يلف رأسه. ولكن شعره كان يطول وصار لا بد من أن يقص شعره. ولذلك كان يخلع الغطاء عن رأسه أمام الحلاق فقط. والحلاق كان الوحيد في المملكة الذي يعرف سر الملك. والحلاق بالعادة ثرثار لا يستطيع التوقف عن الكلام وصار يهذي بالسر اثناء نومه فقرر أن ينتقل يوميا لينام قرب ضفة النهر بعد معانته مع السر وعدم إمكانية قول لأحد وجد حلا مقبولا إذ صار في كل يوم وقبل أن ينام يحفر حفرة بالأرض بيديه ثم ينحني على الحفرة ويتلفت حذرا ثم يهمس للملك أذنان كأذني الحمار. ويتنهد بعدها مرتاحا وينام. وظل على هذه الحال أياما عديدة كل يوم يحفر حفرة ويهمس لها للملك أذنان كأذني الحمار. ومن هذه الحفر صار القصب ينمو ويتمدد وحين صارت الريح تمر في القصب كان يتمايل ويصدر صوت بدأ همسا ثم صار يعلو ويعلو وصار الهمس كلاما واضحا. إذ أنه كلما هبت الرياح صدر صوت من بين القصي يقول للملك أذنان كأذني الحمار.. للملك أذنان كأذني الحمار

في احد الأزمان والبلدان كان هناك سلطان يحكم بلادا عامرة بالبنيان والعمران. وكان هذا السلطان قد تزوج من أحدى سعيدات الخط لإنجاب ولي عهده الذي سيستلم كل هذا الملك الذي يفخر به السلطان. وبالفعل جاء ولي العهد بوجه جميل اخذ سمات الأم المختارة للسلطان العظيم. ولكن المشكلة كانت عندما بدأ ولي العهد يكبر قليلا وبدا أن أحدى أذنيه لم تأخذ جمال الأم وأنما أشبهت أذن الحمار مقارنة مع الأذن الجميلة الأخرى. وقد حاول السلطان أن يموه على الأنظار من خلال أطالة شعر رأس ولي العهد وذلك لتغطية الاذن القبيحة وإبراز الوجه الجميل. ولكن الأم بدأت تنزعج لطول شعر ابنها وبدأت تصر على الأب بمفاتحة أحد الحلاقين لقص الشعر بصورة أنيقة. احتار السلطان لان انفضاح خبر أذن الابن سيعني ان الاتباع والاسم الحديث للاتباع هو الشعب أو المواطنين سيتحدثون عن وجود خلل يحتاج لمعالجة. ووجود خلل ما حتى ولو كان من تلك الحالات التي لا ذنب للإنسان فيها لا يتلاءم مع الهيبة والاعتقاد بعدم إمكانية خطأ السلطان. ملاحظة ان وجود عيب خلقي لا يجب ان يكون عائقا فهناك مثلا وزير التربية البريطاني وهو ضرير. ولكن السلطان. بفهمه القديم لديه السلطة المطلقة وقرر إنقاذ ولي عهده من طول الشعر فأمر بإحضار احد الحلاقين

 

الممتازين. سارع الحلاق الذي وقع عليه الاختيار إلى القصر وهو مغمور بالفرحة وحتى وصل إلى حضرة السلطان الذي كان جالسا لوحده بالانتظار. وهنا سارع السلطان بمفاتحة الحلاق بسر لا يعرفه الا السلطان وزوجته وولي العهد وهو السر المتعلق باذن ولي العهد واتفق مع الحلاق أن يأتي للقصر لقص الشعر كما كانت هناك حاجة لذلك. واختتم الاتفاق
بملاحظة صغيرة هي ان الحلاق سيسخر رأسه إذا سمع السلطان أن لابنه أذن حمار من أي مخلوق آخر خارج دائرة الأربعة. وهكذا كان فقد كان على الحلاق أن يوافق على كل شيء والا ضړبت عنقه. ولكن المشكلة أن الحلاق شأنه كشأن كل الحلاقين لا يستطيعون التوقف عن الكلام لان ذلك جزء من المهنة لاستجلاب الزبائن والإبقاء عليهم. والاتباع قد علموا بذهاب الحلاق للقصر وسوف يسألونه عما قام به وماذا عمل ولماذا يكرر الذهاب للقصر. وكلما حاول الحلاق أن يفشي بالسر لاحد حتى ولو كانت زوجته تذكر الملاحظة الصغيرة ضمن الاتفاق فيتوقف مباشرة عن الحديث حتى أصابت الحلاق عقدة منعته من الحديث مطلقا مع جميع الاتباع حتى زوجته وأولاده. سارعت الزوجة لأحد الحكماء وأخبرته بالأمر فقام ذلك الحكيم باستدارج الحلاق واصطحابه إلى البر حيث لا يوجد إنسان. وهناك طلب منه أن يحفره وطلب من الحلاق الدخول فيها. ثم قال للحلاق سأغطي هذه الحفرة وأنت بداخلها ثم سأبتعد عنك وستكون لوحدك. فأرجو منك أن تقول ما لديك دون أي خوف أو حرج لأنه لن يسمعك احد. وبالفعل دخل الحلاق وعندما اطمأن انه لا يوجد أحد قريب منه بدأ ېصرخ من أعماقه ابن السلطان له أذن حمار. وكرر الجملة حتى انتهت طاقة الصړاخ لديه وخرج فرحانا بعد أن عبر عن رأسه سرا. تقول الرواية أن الحلاق استطاع تجاوز العقدة وماټ السلطان وخلفه ولي العهد الذي خرج مرة إلى البر من أجل الصيد وهناك وفي موقع الحفرة نبتت شجرة تخلد حرية الكلمة. تلك الشجرة أخذت تغني وتصفق دائما بالجملة التي نطق بها الحلاق سرا ولوحده. فلما سمع السلطان الذي استلم لتوه الملك تلك الأغاني والاهازيج التي تفضحه وإذا به يرمي بنفسه فوق صخرة ليقضي على نفسه ويخلصها من انفضاح الأمر الذي يتبع ذلك

العبره
تصور القصة حق الإنسان الطبيعي في التعبير عن رأيه ولأنها تحكي النهاية المأساوية لكل من يحاول أن يمنع حرية الكلمة من الانطلاق. لقد أصبح الحلاق سياسيا لأنه أراد أن يعتبر عن حقيقة رأها بأم عينه ولكن السلطان أراد تغطيتها. وهكذا تخلق في امتنا الطاقات السياسية فجميع الأتباع أو المواطنين ممنوعون من التحدث السياسة. وأصبح الحديث في السياسة يعني كل شيء يتعلق بالحاكم وأهله وجنوده وخدمة ووصيفاته وكل شيء يتعلق بمصالح الأمة الإستراتيجية والحضارية. لك الخيار أيها المواطن
في أن تحيا مېتا أو تصرخ صړخة الحرية من أعماق وجدانك لتستجيب لك السماء والأرض وتنبت بصرختك شجرات للحرية

وتشير القصة أيضا إلى مدى ثقل الحقيقة في نفس عارفها فإن تم إجباره على إخفائها تكدرت معيشته وما هدأ له بال إلا إن وصل إلى حيلة أو طريقة يستطيع بها نشر هذه الحقيقة وإطلاع الناس عليها وإن كلفه ذلك حياته. كما أنها تؤكد على أن الحقيقة لا يمكن قټلها وډفنها للأبد وانها ستظهر في النهاية ويعرفها الجميع مهما طال الزمن.

 

 

مشاركه